علي الشيوعي علي الشيعي / بقلم حسن صبرا

اكثر من شاب لبناني يحملون اسم علي ، تحولوا من الشيوعية التي اعتنقوها عشرات السنين, الى الشيعية السياسية ، التي حاربوها كل هذه المدة ( وهناك طبعا من يحمل اسماء اخرى اسلامية او مسيحية تحولوا من الشيوعية الى الشيعية ، والبعض تحول من الشيوعية او الناصرية الى القوات اللبنانية او السلفية او جماعة اسلامية ) ، والبعض اعتبر ذلك انتقالاً من النقيض الى النقيض ، والبعض يرى انهم التقوا في العداء للعروبة وفي كراهية وحدة المسلمين ..

وفي الدفاع عن النظم الديكتاتورية ، وعن المتوحشين في التاريخ السياسي ، فكما كانوا يدافعون بشراسة عن ستالين في شيوعيتهم، ها هم يدافعون عن بشار الاسد في شيعيتهم بشراسة مشابهة ..

وكما كانوا يدافعون عن شيوعيتهم ، بحماس كبير ، هاهم يدافعون عن شيعيتهم بحماس اكبر

وكما كانوا يقدمون ولاءهم للشيوعية بسب الله عز وجل ، هاهم يقدمون ولاءهم للشيعية السياسية بسب السنة وعمر بن الخطاب تحديداً .

كان انعدام الثقة في شخصيتهم بحاجة دائمآ الى اثبات صدقهم في انتمائهم الجديد .

ليس من حق احد ان يلوم اياً منهم على هذا التحول ، وهم احرار في خياراتهم ، كما كنا نقول لمن تحول بعد هزيمة عبد الناصر العسكرية عام 67 من الناصرية الى الشيوعية ..

وهذا يعني ببساطة انهم مع الغالب .. فإذا اصبح مغلوباً تخلوا عنه، وراحوا يبحثون عن مبررات لتحولهم ، تشبه بالكاريكاتير التحول الجنسي من ذكر الى انثى .. والعكس صحيح !!!

وليتهم يكتفون بالدفاع عن تحولهم الجديد ، وهم احرار ، لكنهم يتمادون في محاولة اغتيال مواقف الثابتين على خياراتهم وانتماءاتهم الوطنية و القومية … ربما في محاولة اخفاء مبالغ فيها ، لعقدة نقص تغلي في صدورهم بسبب هذا التحول ، وهذا يعطي لبعضهم شفاعة بوجود احساس ما ، لكنه يكشف دونية عند الآخرين من المتحولين .

نحن نفهم ان تأثير الثورة الاسلامية في ايران ، كان كبيراً على كثيرين من الشباب العربي المسلم ، وهي ثورة جذرية بكل المقاييس ، وكانت ستكون عظيمة فعلاً لولا تحولها السريع من ثورة اسلامية ، الى ثورة شيعية في الدستور وفي الممارسة ، ثم انها تحولت من ثورة فوق القوميات الى ثورة فارسية محض ( لم تستطع الثورة الاسلامية في ايران في ثقافتها -على الاقل -ان تلغي التناقض التاريخي بين فارسيتها وكراهيتها لعمر بن الخطاب العربي الذي هزمها في القادسية عبر جيش قاده سعد بن ابي وقاص ، ثم في محاولة اخفاء كل هذا في تمزيق وحدة المسلمين بين سنة وشيعة راحت تزور التاريخ بأحقاد وممارسات تبالغ فيها بصيغة افعل التفضيل الفارسية الثقافة ،ضد كل من هو عربي ، وتنسج سجادات من المبالغات في ما زعمته اضطهاداً من السنة ضد الشيعة ، وفي محاولة فظيعة وغريبة لإظهار ان آل البيت انهم من غير العرب )، ونحن اذ نعتبر ان ما نتحدث عنه كنقيصة ، هو من اسباب استقطاباتها الداخلية بسبب اغلبيتها الفارسية وانتماء معظم اهل ايران الى المذهب الشيعي الاثني عشري ..

وهي بسبب نجاحها الشيعي اصبحت احد اسباب التحول الذي نتحدث عنه من الشيوعيه الى الشيعية ، وهذا هو السبب الجوهري الذي جعل مسلمين ومسيحيين دافعوا عنها في البداية ، يتخلون عنها بعد ذلك ، ويهاجمونها بشراسة ، ربما بسببين منفصلين هما:

عدائها الثقافي على الاقل للغرب ، والبعض يوافق على ان العداء هو سياسي ايضاً .

والسبب الثاني هو شيعيتها الزائدة التي لم تكن حيادية ابداً وهي تتطاول على اهم رجالات المسلمين من عمر بن الخطاب الى صلاح الدين الى احتضان سيد قطب المتآمر على اعظم رجالات العرب جمال عبدالناصر ..

التحول من الشيوعية الى الشيعية ، ظاهرة عربية وتحديداً مشرقية ، وبالاخص حيث الاغلبية الشيعية او الاقلية الشيعية الكبيرة كما في لبنان مثلاً .. وهي ذات اصول قبلية عربية ، من حيث التقلب الفكري كما هي الانقلابات القبلية والعشائرية، فالقبيلة المنتصرة يلتحق بها الصعاليك في القبيلة المهزومة ، وهذه الثقافة ليست على مستوى الافراد فقط ، بل هي في السياسات والحزبيات ايضاً ، كما حصل في اليمن الجنوبي الشيوعي ، وكما حصل في حزب البعث السوري الذي اسسه مسيحي اسمه ميشال عفلق وسني اسمه صلاح البيطار وتوحد معهما سني اشتراكي اسمه اكرم الحوراني ، لكنه اصبح حزباً تسيطر عليه الاقلية العلوية ، ومن هذه الاقلية العلوية انقلب حافظ الاسد على العلويين الآخرين ، ثم سلم الضباط العلويين كل اجهزة الامن السورية ، ولا يوجد في كل سورية حتى الآن تحت حكم ابنه بشار قائد فرقة عسكرية غير علوي ..

ونحن لا نبحث عن مبرر لإنقلاب علي الشيوعي ليصبح علي الشيعي ، لكننا نشير الى ان الاحزاب في اوروبا لا تعرف هذه الظاهرة الا ما ندر ربما ..

وربما يعود هذا الى العامل الثقافي في مجتمعات مستقرة ، بسبب الثورة الصناعية ، ثم الثورة العلمية ، ثم الثورة الزلزالية في الاتصالات ، وهذا كله من اسباب نجاح اوروبا في تحقيق وحدة مشهودة ، في وقت تتسابق فيه الانظمة العربية ( إلا قلة قليلة) الى المزيد من الغرق في العصبيات الطائفية والمذهبية والدينية والعائلية..

فلماذا لا يتحول علي الشيوعي الى علي الشيعي ؟

دفاع اخير عن هذا التحول !!

فلسطين كانت البوابة التي دخلت منها ايران الى الجسد العربي المتهالك ، الذي ما عادت قضيتها تعني لأنظمتها الا الخراب،

فإذا ايران هي المتحدثة العملية باسم فلسطين، ولديها جيوش عربية تقاتل بإسمها عملياً …

فلماذا ممنوع على علي الشيوعي ، ان يلتحق بايران ، وان يدافع عن الحاكم الذي تثبته ايران على سلطته ، ليقدم نفسه من جديد علي الشيعي ؟
الشراع