تخلّوا عن “قضية العرب الأولى” واستبدلوها بٍـٍ “التطبيع” الإعلامي/ أحمد حازم

في المفردات السياسية التي يستخدمها الشعب العربي, وحنى قادة عرب في حديثهم عن غيرهم من زملائهم لأبناء جلدتهم، نسمع صياغات رقيقة وجذابة مثل “الأخوة العرب” و “الدول الشقيقة”  والمقصود هنا دول الجامعة العربية. وعلى الصعيد الدولي هناك أيضا صياغات تستخدم في الاعلام العربي مثل “الدول الصديقة” و” الأخوة في الدول الاسلامية”. حتى أن البعض ذهب بعيدا في خياله للقول ان القضية الفلسطينية هي “قضية العرب الأولى”.

كل هذه المسميات للدول كانت ولا تزال مجرد فقاقيع هوائية لا أكثر ولا أقل، وما عاشته القضية الفلسطينية على مر السنين وما عاشته غزة من حروب عليها ولا زالت تعيشها, هي خير مثال على كذب هذه التسميات. فالشقيق من ناحية منطقية وأخلاقية لا يتخلى عن شقيقه، لكن ما عاشه الفلسطينيون يدل على عدم وفاء ما يسمى بـ “الأشقاء” وخذلان “الاصدقاء”.
وما دام الشيء بالشيء يذكر ,فلا بد من القول أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم الذين تعرضوا لعدم الوفاء والخذلان، بل أن العراق هو مثال آخر. ما حصل في السنوات الأخيرة من علاقات  دول عربية مع إسرائيل يبرهن بصورة واضحة، ان هذه الدول المسماة “الدول الشقيقة والصديقة” كبيرة كانت أم صغيرة،  لم ولن تفعل شيئاً مع “كيان المستوطنين”، لننظر اليوم ونتأمل انعدام التأثير العملي، أو انعدام القدرة حتى على تخفيف القصف والإبادة لغزة.
تاريخيا، هناك دول عربية وظفت فلسطين واجهة خطابية ودعائية تخفي وراءها مصالح وأهدافا وتطلعات. وبالإشارة الى أهمية القضية الفلسطينية لدى بعض الحكام العرب في تزعم العالم العربي   ، يشير الكاتب الفلسطيني خالد الحروب في مقال له الى أن “الأنظمة العربية لم تعد ترى ضرورة لاستخدام وتوظيف ورقة فلسطين خلال تنافسها مع بعضها لتزعم وقيادة العرب”. وقال الحروب في مقاله: ” لعقود طويلة، احتلت فلسطين وقضيتها رأس البرنامج الانتخابي لأي نظام عربي ، يطرح نفسه بشكل مباشر أو غير مباشر لتلك الزعامة. والجميع كان يستشعر سخونة قضية العرب الأولى، ولا يستطيع الالتفاف عليها”. أما اليوم فقد اختلف الوضع تماما. كيف؟ الآن أصبح زعماء العرب يتنافسون دون أن تكون فلسطين في سلم أولوياتهم. ليس هذا فقط، بل أصبحوا يشغلون أنفسهم بعلاقات  كاملة  مع إسرائيل.
بشكل عام يرى الفلسطينيون أنفسهم الآن وحيدين في الساحة،  فلا تحرك ملموس من الدول العربية في إطار جامعتهم الهزيلة (جامعة الدول العربية) ولا تحرك حقيقي من الدول الإسلامية من خلال مرجعيتهم (منظمة التعاون الإسلامي). وللتوضيح اكثر فإن معظم قادة  هذه الدول مصابون بالخصي السياسي. الإدانة والشجب والاستنكار هي الوسائل الوحيدة التي يجيدها قادة العرب والمسلمين. هذا إذا فعلوا ذلك.
الشراع