وَلِجْتُ إِلَى نَفْسِيٍّ فَوَجدتُ اَلصَّمْتَ …. د. غادة الخرسا

 

 

أَيُّها الصَمْتُ ،

دَعْنِي أَغْوَصُ فِي غَيَاهِبكَ وَارْتَاحُ فِي حَنَايَاكَ .

إمنَحْني ، دَفقاً مِن أَشِّعَّتِكَ ، اُغْمُرْنِي فِي سُكُونِكَ .

أَسْمِعْنِي نِدَاءَكَ وَخُذْ بِيَدِي إِلَيْكَ .

 

 هَلْمِنْ تَأَمُّلٍ بَلِيغٍ خُلُوًّا مِنْ اَلصَّمْتِ ؟

اَلتَّأَمُّلُ ، نَشْوَةُ اَلنَّفْسِ اَلْمُنْطَلِقَةِ وَرَاءَ اَلْحِسِّيَّاتِ ، يُضْفِي عَلَى اَلْقُلُوبِ ، طُهْرًا ، شَفَافِيَّةٌ ، وَجَمَالاً .

اَلتَّأَمُّلُ ، عِلْمُ اَلرُّوحِ ، رَمْزُ سُكُونِهَا ، وَدَلِيل هَنَائِهَا ، عَبْرَهُ تَخْتَرِقُ مَجَاهِل ، لِتَضُخِّي اَلنَّفْسُ وَالسَّكِينَةُ وَاحِدًا . اَلتَّأَمُّلُ ، تَرْنِيمَةُ سَحَرٍ ، نَغَمَاتُهُ اَلشَّجِيَّةُ تُلَقِنُنَا أَسْرَارَ اَلْكَوْنِ .

يَسْعَى اَلْكَثِيرُونَ إِلَى سَمَاعِهِ ،ليَتَنَاهَى إِلَى مُخْتَبَرِهِ جَلَل اَلْكُشُوفَاتِ .

يَا شُعْلَةَ اَلْوُجُودِ وَشَرَارَةَ اَلْحَيَاةِ : 

اَلنَّسِيمُ اَلْعَلِيلُ ، مَتَى يُلَامِسَ زَهْرَةً تَتَفَتَّحُ أَوْرَاقُهَا ، وَتَفُوحُ أَرِيجُهَا عَلَى مَنْ حَوْلِهَا ، شَرَارَةَ حَيَاة.

.: اَلْحَيَاةُ ، مَاءٌ يَرْوِي اَلْأَرْضَ اَلْيَابِسَةِ فَتَضُخِّي خَضْرَاء

اَلْحَيَاةُ ، عَصَاً سِحْرِيَّةٌ لَامَسَتْ أَوْتَارَ قِيتَارَةٍ ، تَصَاعَدَتْ فِيهَا أَعْذَبُ اَلْأَلْحَانِ .

اَلْحَيَاةُ ، اَلْمُصَمّخَةُ بِبَخورِ اَلْحِكْمَةِ وَزُهُورِ اَلْإِيمَانِ ، تُدْرِكُ أَنَّ اَلشَّدَائِدَ اَلَّتِي تَعْتَرِي اَلنَّفْسَ ، لَيْسَتْ إِلَّا مَدَامِيكَ اِرْتِفَاعٍ ، تَتَخَطَّى اَلْمَعوقَاتِ وَالْعَقَبَاتِ ، بُلُوغًا إِلَى سَلَامِ الرُوح.

 

اَلسَّلَامُ حَالَةٌ تَغْمِرُنَا عِنْدَمَا تَتَنْقّىْ اَلنَّفْسُ مِنْ شَوَائِبِهَا ، يُنْزَعُ عَنْهَا اَلْكِبْرِيَاءُ ، اَلْبَغْضَاءُ ، وَالْأَنَانِيَّةُ . اَلسَّلَامُ ، مِفْتَاحُهُ اَلْمَحَبَّةُ ، سَمَاؤهُ اَلْإِيمَانُ ، شَمْسَهُ اَلْمَعْرِفَةِ ، نُجُومُهُ اَلسَّكِينَةُ .

 

بِمُتَابَعَةِ اَلنَّفْسِ مَسَارَهَا ، يُنْعَمُ عَلَيْهَا بِزَادِ اَلْحِكْمَةِ اَلْمُسْتَنِيرَةِ ، تَحَمِلُهَا مَعَهَا أَيْنَمَا تَوَجَّهَتْ !

 

اَلْحِكْمَةُ ، مَطْلَبُ اَلْعُلَمَاءِ ، مِزوَدُ اَلْفَلَاسِفَةِ ، رَايَةٌ اَلْعَارِفِينَ ، دَرْعُ اَلْمُنَاضِلِينَ ، وَرِيشَةُ اَلشُّعَرَاءِ .

 

اَلْحِكْمَةُ ، بَلْسَمٌ يُدَاوَى بِهِ اَلْمَقْهُورُونَ ، يُسِّيرُ اَلْأَعْمَى ، وَيُصْغِي إِلَيْهَا اَلْأَصَمُّ . اَلْحِكْمَةُ ، تُفَجِّرُ اَلْحَقِيقَةِ فِي كَلِمَاتٍ تَجْرَحُ وَتُدَاوِي ..

: أَيَّتُهَا اَلصَّلَاةُ

اَلَّتِي تَرْفَعُنَا إِلَى مَصَافِّ اَلْأَخْيارِ اَلْأَبْرَارِ ، اَنتَّشْلِينِي مِنْ بَرَاثَنِ اَلْعَدُوّ وَانْصُرِينِي عَلَى شُرُورِهِمْ ، قودِينِي لِأَنْتَشِيَ رَحِيقَ اَلْخُلُودِ .

إِلَهِي ،

قَلْبِي مُفْعَمٌ بِحُبِّكَ ، صُورَتُكَ فِي مُخَيِّلَتِي ، هَمْسَكَ فِي مَسَامِعِي.

ضَمِّحْنِي بِعِطْرِ بِخَوْرِكَ ،

اسْتَعْمِلَنِي ، لِأزْرَعَ بُذُورَ تَعَالِيمِكَ وَأَعْكِسَ صُورَتَكَ

إِضْرِم فِي نَارَ ، حُبّكَ

أَشْرِق نُورَ بَهَائِكَ

لِأَحْمِلَهُ مِشْعَلاً يُنِيرُ دَرْبَ مِنْ أَدْرَكَتْهُ نَعِيمِ قُرْبِكَ .

يَا تَرْنِيمَةَ الرُّوحِ وأُنشودَةَ القَلبُ نَعيمِكَ مَقصَدُ اَلْإِنْسَانِ وَمَحَجَّةُ اَلنُّسَّاكِ وُصُولُنَا إِلَى مَلَاذِكَ عِلَّةُ وُجُودِنَا تَفَقَّد خَطوَاتِنَا ، وَاشْمِلْنَا بِرَحْمَتِك 🔃